وقفة فوق الجمر..... وخطوات على إيقاع النار - ارشيف موقع جولاني
موقع جولاني


وقفة فوق الجمر..... وخطوات على إيقاع النار
رامي أيوب
تبصر في الحاضر.... واستطلاع في الأفق... يشد أشرعة فضولي .... أصادر الحاضر لأبحث عن المستقبل.. رياح غربية تدفعني عنوة في محيط المجهول... فاطرق باب الجرأة وأتقدم بخطوات خجولة... خاليه من أي ثقة... عيناي تحدقان بقدمي... والثالثة ترصد خفايا المستقبل... اضطرابات تحول بيني... وبين خاطري... والخطوة القادمة... نسمات رقيقه تحتال على أذني... تحملها ضجيج تمرد اللاوعي على الذات, روح حوصرت بتعاويذ خطها الجهل, والعقل عجوز مسكين يستطرد لعنة تتسمر عتبة حكمته.
هل ارجع أدراجي وأتوقف؟؟
ولكن!!!.. الدخول في متاهة ترسم الرموز محيط جدرانها, ابسط من تسلق أدراج عاليه لنقطة البداية... كم هي جميلة أيام الخوالي.. لا مجال.. فهذا الرصيف اتجاه واحد، وكأن مخيلتي طفلة ولدت للتو, وللعالم طقوسه المزاجية, ينوي تعميد أفكاري مع إطلاق أولى صرخة لها.. توكلت على الله....
همسات متفائلة، مبعثرة وسط كثافة هذا الضباب..
أسراب؟؟؟ أم حقيقة محاصرة بجروح الواقع؟؟؟
ما الذي أسعى إليه أصلا؟؟؟ أفكر وأفكر... حسننا لطالما قبلت دعوة "ديكارت" لن اقبل بالتراجع الآن...
أين أنا؟؟؟ من هذه القوى المتعاظمة؟؟؟ في أي من تلك الجداول تنساب أفكاري؟؟؟... أهذه طبيعة متمرده؟؟؟ أم طباع اصطنعت لتتمرد؟؟؟
حسننا.. قسطا من الراحة في بداية الطريق ليس بسيئ... سوف اجلس واسلم ظهري لجذع تلك الشجرة, هذا إذا كانت "حقا" شجره!! فلم يعد شئ حقيقي في هذا العالم الافتراضي, وكأني برفقة "أليس" في بلادها الخيالية, ولكن العجب كان ليتعجب من هذه الغرائب, فأين هي البراءة التي في "بلاد العجائب". عالم استبدل ركائزه الجوهرية بأبعاد جبرية وحسابية, وفلسفة فراغية. أيمكن حقا إدراك "روح العالم" هنا؟؟؟ فهذا عالم افتراضي ولا يقوى على حبس أي روح في صدره المتلاشي.
أتقدم.... وأتقدم... أصداء صيحات متألمة تحملها لي رياح موسميه، رياح لا تبذر إلا غريزة اللإنسانية... ماذا تحمل هذه المرة؟؟؟
رؤى عنيفة تعاقب ناظري, وتصفع ذاكرتي بخبث الأقدار. لا اقدر على التحمل أكثر.. انه مجرد حلم.. سوف اعد حتى الثلاثة واستيقظ منه حالا.... للأسف.. انه حقيقة مفروضة في عالم مفترض... سأحاول الاستمرار.
الكل تبدل... والباقي يتبدل, أما من شئ يرغب البقاء على حاله؟؟؟ ما الخطأ بالماضي؟؟؟
أجيال تتعاقب... وقشور ذهنية تتفتت مع كل اهتراء ثوب للطبيعة, ولكنها لا تتعاقب فحسب بل تتغير.. إلى أين؟؟
سطور تمحي من مصحف الذاكرة... وأخرى تبتدع مذهبا يسير الحاضر والمستقبل, كيف سيكون حكم هذه الشريعة؟؟؟ أتنص على معاهدات السلم بيننا وبين أنفسنا؟؟؟ استصدر قانونا يمنعنا من التواصل مع قلوبنا؟؟ أم ستستبد بحبرها وكبريائها, وتحط بنا على تلال أخرى متناظرة تتقاذف فيما بينها جدران لمسرح روتينيي, يحمل مشاهد الصراع بين الكبت والحرمان وبين الأمل والشوق.
ظلال شخص قادم من بعيد... اهو تكثف جديد للضباب؟؟؟ مزيجا من الهذيان والتفاؤل؟؟؟ أم دليل مسالم في هذه الصحراء التي تفقه عدة لغات؟؟؟
"خيميائي"!!؟؟ لا أظن أن تحويل الذهب إلى فضه هي علتي... ربما معادله تربط الأفكار مع الواقع ستكون الجرعة الأنسب، أو معادلة تصهر العقد المتحجرة في نفوسنا تحوله لسائل ينساب مع أوردة هذا الكون, أو تجمده وتصبه من جديد ليغدو جدارا صلبا يحول بيني وبين عقارب هذا الزمن, فلا ارغب بالاستمرار بمجاراته, فهو يغش قواعد اللعبة, لا يجيد الجري فحسب, إنما يقلب الرمال من تحته فيمحي كل اثر للعودة إلى ذكريات الماضي, ويبعثر كل الرموز في طريقه, رموز كان من المفترض أن تكون إشارات مجدية لبلوغ الخطوات القادمة, لقد ضلل اصطفاف النجوم في سماء كانت مرشدة أجدادي من قبلي, لا أريد أن أجاريه, لا أريد أن يغير لي شكل العالم الذي ارغب. ربما أعود أدراجي, فهذا أفضل. اشراقات متبسمة أم شامتة, تطل من جديد, ربما تحاول رسم بيان حواري بينها وبيني, لا لغة تنصف بيننا فلم اعد قادرا على الاستيعاب... سوف أتابع التقدم نحو تلك الشجرة الوحيدة... سوف ابتعد عن ظلام هذا الغاب
"غاب"!!؟ متى بلغت هذا المكان؟؟؟
آه... تذكرت, لقد توقفت عن مجاراة الزمن ولكني نسيت انتشال مذكراتي من جداوله وأنهاره, سوق اجلس واسلم ظهري لجذع تلك الشجرة.... ولكن.... يبدو هذا مألوفا لي.... أجالست هذا المكان من قبل؟؟؟ أم أن قدماي لم تفارق نقطة البداية بعد؟؟؟